فصل: البحث الرابع العضل المقلبة للرأس وحده إلى خلف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تشريح القانون (نسخة منقحة)



.البحث الرابع العضل المقلبة للرأس وحده إلى خلف:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
وأما العضلة المقلبة للرأس وحده إلى خلف.
إلى قوله: وأما العضل المقلبة للرأس مع العنق فثلاثة.
الشرح:
قال المشرحون إن هذه العضلات ثمان من كل جانب منها أربع: فالزوج الأول منها ينشأ من فوق مفصل الرأس مع الرقبة بقليل وذلك هو آخر عظم مؤخر الرأس وليس منشؤه من وسط ذلك الموضع أعني ليس في وسط ما بين جانبي مؤخر الرأس بل أحد فرديه مائل.
إلى الجانب الأيمن من الرأس والآخر إلى الجانب الأيسر وينزل كل فرد منها مؤربًا حتى يلتقي عصبهما عند سنسنة الفقرة الثانية من فقار العنق بأن يضيق ما بينهما قليلًا قليلًا إلى هناك.
والزوج الثاني ينشأ من طرف عظم مؤخر الرأس أيضًا ولكن يكون ما بينهما من وسط ذلك الموضع أي وسط ما بين جنبيه فيكون ابتداء منشأ هذا وابتداء منشأ الزوج الأولى على خط مستقيم فوق مفصل الرأس مع الرقبة بقليل وهذان الزوجان يماسان ذلك المفصل.
وهذا الزوج ينزل أيضًا مؤربًا ولكن إلى الجهة الوحشية فلا يزال يتسع ما بين فرديه حتى يبلغ منتهاه وذلك عند الزائدتين اللتين عند جنبي الفقرة الأولى وهما اللتان سماهما جالينوس في والزوج الثالث ينشأ من هاتين الزائدتين اللتين في جنبي الفقرة الأولى كل فرد منه من زائدة فيكون مؤربًا إلى الأنسي حتى ينتهي عند سنسنة الفقرة الثانية فيكون هذا الزوج واصلًا بين طرفي الزوجين الأولين. والزوج الرابع صغير تحت الثالث.
ينشأ من عظم مؤخر الرأس وينتهي عند الفقرة الأولى وهو على ما في الكتاب ينزل مؤربًا وينتهي عند جناحي الفقرة الأولى أعني الزائدتين اللتين على جنبيها وذلك عند مبدأ منشأ الزوج الثالث فيكون شكل هذه الأزواج الأربعة هكذا: قوله: فأربعة أزواج مدسوسة تحت الأزواج التي ذكرناها ينبغي أن يقول: تحت الأزواج التي نذكرها.
وذلك لأن الأزواج التي هي مدسوسة تحتها هي الأزواج التي تقلب الرأس والعنق إلى خلف وهي المذكورة بعد هذه الأزواج وسنذكر حكمة اندساس هذه تحت تلك قوله: ومنبت هذه الأزواج هو فوق المفصل يعني مفصل الرأس مع الرقبة وذلك هو الحد المشترك بينه وبين الفقرة الأولى من فقار العنق يعني يكون ذلك فوقه لا أنه كذلك إذا كان الإنسان مستلقيًا على بطنه أو ظهره بل إذا كان قاعدًا أو منتصبًا وينبغي أن يقول: ومنبت أكثر هذه الأزواج هو هناك وذلك لأن الزوج الثالث منها منبته ليس من ها هنا بل من زائدتي الفقرة الأولى اللتين عند جنبيها.
قوله: زوج يأتي جناحي الفقرة الأولى فوق زوج يأتي سنسنة الثانية يريد ها هنا بالفوق ما يكون فوقًا إذا كان الإنسان مستلقيًا على بطنه وإنما خلق هذا الزوج فوق تلك ليسد السافل بعض الجهة التي عند مفصل الرأس وذلك عند قرب وسط ما بين جانبيها فلا يكون هذا الزوج الآتي فوقه إلى جناحي الفقرة الأولى آتيًا إلى هناك مع انعطاف في وسطه إلى أسفل وإنما لم يعكس ذلك فيجعل الآتي إلى سنسنة الفقرة الثانية من فوق وذلك لأن هذا الزوج ينشأ من جانبي أسفل مؤخر عظم الرأس فيكون طريقه إلى سنسنة الفقرة الثانية متدرجة في التسافل فلا يلزمه انعطاف في وسطه إلى أسفل ولا كذلك الزوج الآتي إلى جناحي الفقرة الأولى فإنه في ابتداء طريقه انخسافًا كثيرًا فيحتاج إلى شد ذلك الإنخساف لئلا يلزم انعطافه إلى أسفل وحينئذٍ كان يلزم تشنجة لجذب الرأس أن يرتفع الجلد هناك.
قوله: وخاصيته أن يقيم ميل الرأس عند الانقلاب إلى الحال الطبيعية الذي يظهر لي والله أعلم أن هذا الزوج لا مدخل له في تحريك الرأس البتة.
بل ولا في تحريك غيره وذلك لأن هذا الزوج لا يتصل بالرأس.
وقد بينا أن الفقرة الأولى والثانية ليس لو احدة منهما حركة بدون الأخرى وهذا الزوج لا اتصال له بغير هاتين الفقرتين بل فائدته والله أعلم.
أنه يقاوم ما يوجبه الرأس عند انقلابه من حفظ الفقرة الأولى إلى داخل ويلزم ذلك تزعزع مفصلها مع الثانية وإضرار السن الناشبة من الثانية بالنخاع لأن الفقرة الأولى لو مالت إلى داخل مال النخاع معها لا محالة.
ولا يلزم ذلك ميل السن لأن يكون ثابتًا بثبات الثانية ويلزم ذلك انشداخ النخاع به فخلق هذا الزوج من العضل ليقاوم ضغط الرأس حين انقلابه للفقرة الأولى بثقله وتمييله لها إلى داخل بأن يجذبها حينئذٍ إلى خارج معتمدًا على ظهر الفقرة الثانية فيبطل تأثير ضغط الرأس إذا ثبت هذا يلزم أن تكون العضلات المحركة للرأس وحده إلى خلف ثلاثة أزواج فقط.
قوله: وينفذ تحت الثالث.
لقائل أن يقول: إن هذا الزوج الرابع لا يتعدى موضع ابتداء الزوج الثالث فكيف يكون تحته وجوابه: أن مراده ها هنا يكون تحت ذلك لأن السطح الذي هذا فيه لو فرضنا موافاته إلى آخر العنق مثلًا كان حينئذٍ تحت السطح الذي فيه ذلك الزوج أعني تحته إذا كان الإنسان على بطنه وإنما خلق كذلك لأن ظاهر الفقرة الأولى أسفل حينئذٍ من ظاهر الفقرة الثانية وذلك لصغر الأولى ورقتها ومنشأ الزوج الثالث هو من قريب مفصلها مع الرأس فلا يبلغ ارتفاعها إلى سطح ظاهر الفقرة الثانية البتة.
قوله: والرابع يقلب إلى خلف مع تأريب ظاهر الذي يظهر لي والله أعلم أن هذا الزوج لا يخالف الزوج الثاني وأن كل واحد منهما إنما يلزم حركته توريب إذا كان المحرك هو أحد فرديه وأما إذا تحرك الفردان معًا فإن انقلاب الرأس يكون مستويًا.
قوله: والثالث والرابع أيهما مال وحده ميل الرأس إلى جهته وإذا تشنجًا جميعًا تحرك الرأس إلى خلف منقلبًا من غير ميل الزوج.
والثالث فقد بينا أنه لا مدخل له في التحريك.
وأما الرابع فقد بينا أن ميل الرأس به إلى جانب إنما يكون إذا كان المحرك أحد فرديه.
بقي ها هنا مسألة وهي: أن لم خلقت هذه الأزواج مؤربة مع أن ذلك يلزمه تطويل مسافتها لا لفائدة إذ أعصابها تنشأ من النخاع فتكون مستغنية عن استفادة الصلابة بطول المسافة والجواب: أنها لو لا تأربها لكان يلزمها انعطاف في أو ساطها ويلزم ذلك أن تكون عند تشنجها رافعة لجلدة الفقار رفعًا مؤلمًا فيكون ميلها للرأس إلى خلف مؤلمًا. ولا كذلك إذا جعلت على هذه الهيئة. والله ولي التوفيق.

.البحث الخامس العضل المقلبة للرأس والرقبة معًا إلى خلف:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
وأما العضل المقلبة للرأس مع العنق فثلاثة.
إلى قوله: وأما العضل المملية للرأس إلى الجانبين فهي زوجان.
الشرح:
هذه العضلات المقلبة للرأس مع الرقبة إلى خلف موضوعة فوق تلك العضلات المقلبة له وحده أعني أنها فوقها إذا كان الإنسان على بطنه.
وإنما كان كذلك لأن هذه العضلات تحتاج أن تكون ممتدة من الرأس إلى فقرات الظهر فلو لم يكن تحتها تلك العضلات لكانت هذه يلزمها أن تنعطف إلى أسفل في المواضع التي تملؤها تلك العضلات فكانت إذا تشنجت لقلب الرأس يلزمها رفع الجلد الذي فوقها وذلك مؤلم موحش للصورة فاحتيج أن تكون تلك العضلات تحتها لتسند المواضع الغائرة التي في طريقها وما كان من هذه العضلات أعظم وجب أن يكون وضعه فوق ما هو أصغر منه للعلة المذكورة فلذلك كان أعظم هذه هو الزوج المجلل.
قوله: فثلاثة أزواج غائرة معنى أن هذه غائرة أنها موضوعة في غور وهو ما يبقى بعد شد العضلات المقلبة للرأس وحده وذلك لأن هذا الغور كبير فلا تفي تلك العضلات بملئه وإنما خلقت هناك مواضع غائرة لأن كل واحدة من فقرات العنق فإنها يجب أن تكون أصغر مما تحتها ضرورة أن المحمول ينبغي أن يكون أصغر من الحامل فلذلك تكون الفقرة التي عند الرأس أصغر فقار العنق ولا بد وأن يكون عظم الرأس خارجًا عنها إلى خلف كثيرًا ليكون له من خلف ثقل يقاوم ثقله من قدام أو يقرب منه فلا يكون الرأس شديد الميل بطبعه إلا قدام فلذلك يكون عظم الرأس هناك شديد النتوء وما دون ذلك من الفقار له نتوء وتدرج فيبقى عند الفقرة الأولى غور كثير لا محالة ولا يزال هذا الغور يقل كلما بعد عن الرأس بقدر كير الفقرات.
قوله: كل فرد منه مثلث قاعدته عظم مؤخر الرأس هذه القاعدة هي قاعدة جملة الزوج لا قاعدة كل فرد منه وذلك لأن هذا الزوج بجملته مثلث حاد الزوايا وفيه ضلعان متساويان وهما اللذان يصل بطرف كل واحد منهما طرف من هذه القاعدة فتكون الزاويتان اللتان تواترانهما متساويتين وهما اللتان على هذه القاعدة والزاوية التي يحيط بها الضلعان أصغر من كل واحدة من هاتين الزاويتين إذ كل واحد من هذين الضلعين يجب أن يكون أطول من القاعدة وذلك لأن هذا المثلث يجب أن يكون هو والأزواج الثلاثة الأخر الكل متصلًا بفقرات الظهر حتى يلزم من تشنج هذه العضلات انقلاب الرقبة مع الرأس.
ولولا ذلك لكان المنقلب حينئذٍ هو الرأس وحده وإذا كان كذلك لزم أن يكون ضلعًا كل واحد منهما أطول من القاعدة لأن ما بين الرأس وفقار الظهر أطول مما بين جانبي مؤخر الرأس هذا إذا كان ما بين الرأس وفقار الظهر كالعمود على هذه القاعدة فكيف ضلع المثلث الذي على هذه الصورة فلذلك يكون كل واحدة من الزاويتين اللتين على القاعدة أكثر من ثلثي القائمة والزاوية التي يحيط بها الضلعان أقل من ثلثي قائمة.
وهذا المثلث ينقسم إلى مثلثين متساويين هما فردا هذا الزوج ويفصل أحدهما عن الآخر خط مستقيم آخذ من منتصف هذه القاعدة إلى ملتقى الضلعين فيكون لا محالة عمودًا على هذه القاعدة.
فيكون في كل واحد من هذين المثلثين زاوية قائمة وهي التي يوترها أحد الضلعين اللذين في جهة ذلك المثلث والزاوية الأخرى التي عند طرف القاعدة أكبر من ثلثي قائمة والتي عند الطرف الآخر من الضلع توترها الذي يوتر القائمة أقل من ثلث قائمة وتكون قاعدة كل واحد من هذين المثلثين هو النصف الأيمن أو الأيسر من قاعدة المثلث المجتمع من المثلثين وهي عظم مؤخر الرأس.
قال جالينوس: وهذه العضلات عراض بعضها فوق بعض فإذا شيلت المجللة عنها يظهر للرؤية في بعض المرار ثلاثة أزواج وفي أكثرها زوجان فقط أحد الزوجين عضلة عريضة إلى تأريب يسير قال: والزوج الآخر مدور العضل وليفه مضاد في الوضع لليف العضل الأول لأنه يبتدئ من جنبي الرأس وهو موضع منتهاه ويبلغ إلى الشوكة ويعني بالشوكة السنسنة.
هذا إذا كان الظاهر زوجين فقط أما إذا كانت ثلاثة فإنا نجد الواحد منها يمتد بجنب عظم الصلب والآخر تحت الزوائد التي عن جنبي الفقار ويريد بهذه الزوائد الأجنحة.
والثالث: يوجد في الوسط بينهما وربما رأينا مرارًا كثير الليف بجميع مبادئها تنشأ من خلف على تأريب ويصير إلى قدام حتى يبلغ الفقار إلى المواضع منها التي قيل: قد عرفت أن الأجنحة موضوعة في جنبي الفقار فكيف جعل جنبي الفقار ها هنا مغايرًا لموضع الأجنحة قلنا: الأجنحة وإن كانت إلى جنبي الفقار ولكنها ليست على الوسط فيما بين خلف وقدام والمراد ها هنا بالجنبين ما هو كذلك وها هنا مسألتان: إحداهما: ما السبب في وضع العضلات المقلبة للرأس إلى خارج وهلا وضعت كلها إلى داخل الفقار مبتدئه من خلف الرأس فإن ذلك الموضع أحرز لها وثانيتهما: ما السبب في تكثير أعداد هذه العضلات مع صغر جرم أكثرها وهلا جعلت مثل المنكسة للرأس إلى قدام قليلة العدد والجواب: أما الأول فلأن تحريك الثقيل من جهة حركته أسهل كثيرًا من تحريكه من الجهة المقابلة وأما الثانية: فلأن حركة الرأس إلى خلف لما كانت عسرة لأجل ميل اكثر ثقله إلى قدام كان إذا حرك إلى خلف بمعرض التزعزع لكلال قوة الجذب فاحتيج أن تكون تلك الآلات كثيرة العدد لتكون متشبثة به من جوانب كثيرة كالأطناب فيكون ثباته عند هذه الحركة في الموضع الذي يحرك إليه محكمًا.
وأما حركته إلى قدام فإنها على وفق ثقله وميله الطبيعي المثقل فلا تفتقر فيها إلى ذلك. والله ولي التوفيق.